في اليوم الثاني لمؤتمر الدوحة دعوة العرب لمحاربة التطرف في القرن الإفريقي بالتنمية.
الدوحة- صحيفةالعرب.
أجمع المحاضرون أمس في اليوم الثاني من مؤتمر "العرب والقرن الإفريقي.. جدلية الجوار والانتماء"على عدم إمكانية بقاء الدول العربية والجامعة العربية على هامش التعامل مع قضايا الاستقرار والأمن والتنمية الاقتصادية في القرن الإفريقي، لأن حل هذه القضايا يرتبط ارتباطا مصيريا بالأمن القومي العربي بسبب تدخلات القوى الكبرى في المنطقة والتغلغل الإسرائيلي فيها. وتطرق المتدخلون في المؤتمر الذي ينظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، للفرص التي تتوفر لشراكة استثمارية وتجارية بين البلدان العربية ودول القرن الإفريقي شريطة مساهمة هذه الأخيرة في حل الأزمات والصراعات الكثيرة في القرن الإفريقي .
وتحدث البروفيسور الطيب زين العابدين، مستشار مدير جامعة الخرطوم، في محور "العرب والقرن الإفريقي.. جدلية الجوار والانتماء"، عن أثر الفكر السلفي والحركات المتشددة في الاستقرار والتنمية في القرن الإفريقي، وأوضح أن ظهور التنظيمات الإسلامية في مجتمعات القرن الإفريقي جاء بعد مرحلة الاستقلال عقب الحرب العالمية الثانية، وذلك عندما بدأ أبناء هذه المجتمعات يطلبون العلم أو العمل في البلاد العربية المختلفة،خاصة في مصر والسعودية والسودان وليبيا. ودعا البروفيسور الطيب الدول العربية المساهمة في محاربة الفكر المتطرف في القرن الإفريقي، من خلال العمل على تعزيز السلام والاستقرار ووضع أساس التنمية المستدامة في دول القرن، والعمل على حل معضلة قيام الدولة الصومالية وتسوية خلافات الحدود بين دول القرن الإفريقي خاصة بين إثيوبيا وإريتريا، وجيبوتي وإريتريا، وإثيوبيا والصومال، والسودان وجنوب السودان، بالإضافة إلى المشاركة في تأسيس البنية التحتية المناسبة في دول القرن الإفريقي التي من شأنها جذب الاستثمار العربي للمنطقة، وإنشاء المراكز الثقافية والبحثية التي يتم فيها التعاون بين دول المنطقتين العربية والإفريقية.
من جهته، سلط الدكتور محمد أحمد الشيخ الضوء على الحالة الصومالية وتاريخ الصراع وأبعاده .وأوضح الأستاذ في كلية ثيكا للشريعة والدراسات الإسلامية في كينيا، أن انهيار الحكومة المركزية في الصومال وتفكك البلاد إلى ثلاثة أقاليم، في ظل غياب عربي فاعل حول الصومال لمرتع لنفوذ دولي وإثيوبي وكيني بالوكالة، لافتا إلى وجود مكتب ممثل للجامعة العربية في الصومال، دون أن يقوم بدور يذكر في إيجاد حل للصراع القائم لغياب رؤية موحدة تتعامل الجامعة من خلالها مع الأزمة الصومالية . وقال المتحدث إنه إذا كانت هناك موانع سياسية لتفاعل الجامعة العربية مع القضية الصومالية، فإن فشلها في دعم المؤسسات الثقافية والأكاديمية غير مبرر، الأمر الذي سينعكس سلبا في الجهود الشعبية التي بُذلت خلال العقدين الماضيين لتعزيز الثقافة العربية وتنميتها في الصومال في حالة عدم تدارك الموقف.
إلى ذلك، تطرق الدكتور عبدالله حمدوك للصورة النمطية السائدة،بأن إفريقيا عموما والقرن الإفريقي على وجه الخصوص منطقة أزمات وتحديات، مع أنها في الوقت نفسه منطقة الفرص الاقتصادية والاستثمارات وبالذات للدول العربية بحكم الجوار الجغرافي والتقارب الثقافي، وتنافسها في ذلك القوى الاقتصادية الكبرى مثل الصين والهند وتركيا والبرازيل التي ترى في إفريقيا المكان الأمثل للاستثمار. وقال المحلل السياسي والاقتصادي الخبير في معالجة تحديات التنمية في إفريقيا، إن على الصناديق السيادية العربية والشركات الاستثمارية اعتماد أساليب مشابهة لتلك التي اعتمدتها الاقتصادات الآسيوية والقوى الاقتصادية في أميركا اللاتينية تجاه إفريقيا، متطرقا للمحددات الرئيسة للاستثمار الأجنبي في القرن الإفريقي، لاسيما الاستقرارالسياسي واستتباب السلام والأمن، لإتاحة الفرصة أمام الاستثمار في رأس المال البشري والموارد الطبيعية وصولا إلى تحقيق التكامل الإقليمي.ودعا المتحدث الدول العربية إلى أن تتخذ منطقة القرن الإفريقي وجهة تجارية ومقصدا للاستثمار نظرا لما توفره من فرص استثمارية كبيرة، دون إغفال أنه لا تزال هنالك كثير من التحديات التي تعيق عملية زيادة معدلات الشراكة بين العرب ومنطقة القرن الإفريقي لأسباب مشتركة من الطرفين. من جهته تناول الدكتور ميهاري مارو حالة إثيوبيا وعلاقاتها بجوارها كإحدى دول القرن الإفريقي الأكثر تدخلا في الصراعات الإقليمية في المنطقة، وأكثرها دخولا في صدامات مسلحة مع دول الجوار.
واعتبر رئيس برنامج الوقاية من النزاعات في إفريقيا أن إثيوبيا بإمكاناتها وتكوينها الثقافي واللغوي والديني المتنوع يمكن لها أن تساهم في تحقيق الاستقرار الإقليمي والأمن في منطقة القرن الإفريقي، مشيراً إلى أن إثيوبيا هي نقطة الارتكاز والاستقرار في منطقةالقرن الإفريقي، وشريك في التنمية والسلام والأمن على المدى الطويل في إفريقيا والعالم العربي.
أما الدكتور مضوي الترابي، المتخصص في أبحاث الدفاع، فقد تحدث عن التدخل الأميركي في إفريقيا من خلال "أفريكوم"، مؤكداً في محاضرته أن السياسة الأميركية في إفريقيا ترتبط بمصالحها الاقتصادية وفتح أسواق جديدة خاصة في ظل وجود فرص هائلة للاستثمار وأسواق مفتوحة للمنتجات الأميركية، بالإضافة لتوفر النفط وأوضح الترابي أن أميركا تعمل في سبيل تحقيق المصالح السياسية على تشكيل نخب جديدة في إفريقيا موالية للغرب عموماً وللولايات المتحدة بشكل خاص، وهم من تسميهم الولايات المتحدة بالقادة الجدد في إفريقيا أمثال ميليس زيناوي في إثيوبيا، وأسياسي أفورقي في إريتريا، ويوري موسيفيني في أوغندا وجوزيف كابيلا في الكونغو الديمقراطي.
من جهته وجه الدكتور الباقر العفيف، مدير مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية في الخرطوم، نقدا للهوية السودانية في تعريف المشترك والفارق بين ما هو عربي وإفريقي في الذات السودانية، وهو الالتباس الذي أدى في الأخير إلى فرض تقسيم السودان، مطالبا السودانيين في الشطر الشمالي باستعادة اعتزازهم بهويتهم الإفريقية لأن ذلك سيكون جسرا بين العرب والقارة الإفريقية وليس منطقة القرن الإفريقي فحسب. واعتبر الدكتور العفيف أن الحالة السودانية الشمالية تماثل الحالة العربية في فشل ثقافي يبلغ حدّ الإفلاس.
وفي سياق متصل، تحدث الأستاذ عبدالله البشير، عن صورة شعوب القرن الإفريقي في كتابات الجغرافيين، مشيراً إلى أن الرحالة الجغرافيّين العرب والمسلمين رفدوا مجلد الحضارة الإنسانية،بمساهمات معرفية أصيلة وعظيمة عن منطقة القرن الإفريقي، ولا تزال مصدرا علميا مهما.
ونبه محلل المعلومات بوزارةالخارجية القطرية إلى أن بعض هؤلاء الجغرافيين استندوا إلى الوصف والتسجيل للمشهد الدقيق والواقعي، في حين جنح البعض الآخر نحو الخيال والخرافة. وقال إن ملامح صورة شعوب القرن الإفريقي في كتابات الرحالة والجغرافيين تأثرت بالموروث من الأمم الأخرى كاليونانيين وغيرهم، كما تأثرت، خاصة عند الرحالة، بنزعة الإخبار والإبهار، وحب إمتاع السامعين وإدهاشهم بالغريب من المشاهد، فامتزج الواقع والحقيقي بالخيال والخرافة__
 
29-11-2011
Print this page.
http://www.al-massar.com