تقرير عن : حصاد ربع قرن لاستقلال إرتريا

تقرير عن :

حصاد ربع قرن لاستقلال إرتريا

في 24/05/1991م أعلن عن استقلال إرتريا من الاستعمار الإثيوبي بجلاء جيشه بعد كفاح مسلح امتد لقرابة ثلاثين عاماً ، قدم فيها الشعب الإرتري الغالي والنفيس في سبيل نيل الحرية والكرامة. وتم تأكيد الاستقلال بإجراء استفتاء عام تحت إشراف الجامعة العربية والأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية ، وجاءت النتيجته 99.8% لصالح الاستقلال ، ومنذ تاريخ (01/12/1413هـ ـ 23/05/1993م) أصبحت إرتريا دولة مستقلة ذات سيادة ، وفي 28/05/1993م نالت إرتريا رسمياً عضوية الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي . ويأتي الاستقلال تتويجاً لمجاهدات ونضالات الشعب الإرتري ، حيث بدأ مقاومته السلمية لنيل حقوقه منذ عام 1942م حتى أعلن ثورته المسلحة في 01/09/1961م بعد أن تم ضم إرتريا إلى إثيوبيا في عام 1952م بالقوة العسكرية من قِبل هيلي سلاس ضارباً عرض الحائط بفترة الانتداب لحق تقرير المصير .

وفي يوم الثلاثاء 24/05/2016 كانت الذكرى الخامسة والعشرين للاستقلال ، والتي احتفل بها الإرتريون في الداخل والخارج كلٌ بطريقته الخاصة يستعيد فيها معاني الاستقلال والحرية ومعاني الوطن.

فرحة الاستقلال لا يعادلها شيء ، وخاصةً عندما يأتي ممهوراً بالمهج والأرواح التي كانت تتوق للعدل والحرية والأمن والازدهار. وبالرغم من مرور ربع قرن من الاستقلال لم يعرف الشعب الإرتري مع الأسف الشديد معنى الاستقلال والحرية والكرامة التي ناضل من أجلها، ومازال يعيش في أسوأ حالته من الحرمان والاستعمار الداخلي من قِبل الطغمة الحاكمة في أسمرا. وقد انعكس ذلك في حياته اليومية والمعيشية إضافة إلى انعدام كل الخدمات الأساسية المتمثلة في الكهرباء والماء والصحة والتعليم ، مع العجز التام من قِبل النظام في توفير سبل الحياة الكريمة ، بل قيامه بمحاربة المواطن في حله وترحاله والتضييق عليه في حياته اليومية وكأنه ليس مواطناً إرترياً له الحق في العيش الكريم.

وعشية ذكرى الإستقلال لهذا العام 2016 حذرت المقررة الخاصة للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان في إرتريا (شايلا كيثارو) من فراغ دستوري قائم في البلاد منذ عام 1997، داعيةً النظام الإرتري إلى تبني الديمقراطية وسيادة القانون من أجل تحقيق رؤية الاستقلال الذي نالته في 24 مايو عام 1991. ووفقاً لـ (كيثارو) قد أقرت إرتريا دستوراً في عام 1997 لكنه لم يطبق مطلقاً. وأضافت ( كيثاروث) يجب أن تكون الحرية الفردية على مستوى الاستقلال الوطني ، حرية الضمير والتفكير والعقل والتعبير وحرية الحصول على عمل والتثقيف.

تمر ذكرى الإستقلال بعد ربع قرن والسجون ملأى بالشرفاء والأحرار الذين يننتظرون لحظة الإفراج عنهم ، كما تنتظرهم أسرهم المكلومة كلما لاحت أو أزفت ذكرى الاستقلال في الأفق ، ولكنها تمر وتتجدد معها آلامهم وتتحطم آمالهم أمام صخرة التعنت الديكتاتوري الذي يرقص في يوم الاستقلال متناسياً الجراحات والآلام والجماجم التي شيد النظام عليها مملكة الاستبداد والقهر والجبروت والطغيان .

تمر علينا ذكرى استقلال إرتريا بعد ربع قرن والحياة الإرترية تشهد :

  • غياباً تاماً في الشرعية الدستورية وفشلاً ذريعاً في بناء دولة المؤسسات.
  • غياب الأمن والاستقرار والعدل والحريات العامة.
  • إنهياراً اقتصادياً خانقاً شمل كافة مناحي الحياة في إرتريا عدا مؤسسات النظام القمعية مع غياب السياسات الاقتصادية للدولة.
  • غياب التنمية في كافة أنحاء البلاد وانعدام أبسط مقومات البنية التحتية للدولة كواحدة من مظاهر الانهيار الاقتصادي.
  • شللا تاما في العملية التعليمية وذلك بتجيش الطلاب والطالبات في معسكرات التدريب الإجباري والتي لا نهاية لها.
  • انفلاتا أمنيا تصاحبه الاغتيالات والتصفيات الدموية والتي أضحت سمة بارزة في ظل النظام القائم مع غياب شبه تام لسيادة الدولة حيث أنتشار سرقات بنوك الدولة من قِبل المتنفذين.
  • هروبا متزايدا ومستمرا إلى دول الجوار من المدنيين.
  • تحويل البلاد إلى سجن كبير يئن تحت وطأته الشرفاء والأحرار من أبناء إرتريا ، مما دفع الكثيرين (مجبرين) إلى البحث عن سبل (الخلاص) ، أو خوض غمار المجهول الذي كثيراً ما تكون نهاياته الموت المحقق في فيافي الصحارى ومجاهل البحار.
  • تذمرا وإستياء واسعا في أوساط القوات النظامية ، وتزايد إعداد الهاربين من ذوي الرتب الكبيرة إلى خارج الدولة من مختلف القطاعات وطلب اللجوء السياسي .

وفي ظل هذه المعطيات المؤلمة لا شك أن الاحتفال بالاستقلال يأتي منقوصاً ، وتستحيل معه إكتمال الفرحة ، التي طالما حلم بها شعبنا البطل في كل مكان زهاء نصف قرن من الزمان منذ تأسيس ثورته المجيدة ، وربع قرن من بعد الإستقلال.

نظــام الحـكم : 

تُحكم إرتريا بحكومة مؤقتة لفترة ربع قرن من الزمان عبر نظام الحزب الواحد وتكريس حكم الفرد الواحد مع منع أي نشاط لقوى مناوئة أخرى ، حيث سجن جميع رفقاء دربه في الثورة وكبار موظفي الدولة بدءاً من عام 2001م . فكيف له أن يسمح للمعارضة أن تمارس حقها الطبيعي في وطنها ؟

المستوى التعليمي:

يعمل النظام على التجهيل المتعمد لجيل كامل من أبناء شعبنا ، وذلك عندما اتخذ قرار التعليم بلغة الأم ، ثم تجييش الطلاب في السلك العسكري ، ومن ثم تدمير جامعة أسمرا الوحيدة في الدولة بتشتيت كلياتها وتوزيعها في المدن الإرترية المختلفة ، تفتقر لمقومات البيئة التعليمية مع ضعف الكادر التعليمي في المؤسسات التعليمية نتيجة ضعف الإنفاق العام في التعليم.

المستوى الاقتصادي:

من الناحية الاقتصادية تعتبر إرتريا الدولة الوحيدة التي لا يتحرك فيها المؤشر الاقتصادي ، حيث لا توجد سياسة اقتصادية ولا خطط تنموية ، رأس النظام يسيطر في جميع مفاصل الدولة ومن أهمها الاقتصاد ، فاسياس هو وزير المالية وهو البنك المركزي ، وهو من يضع السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية حسب هوى نفسه ، وأخيراً قرار تغيير العملة التي يهدف منها مزيداً من السيطرة على مفاصل الدولة وإفقار المجتمع بحجز أموالهم في بنوك النظام.

الصحافة في ظل النظام:

إرتريا إبان المستعمر منذ عام 1928م – 1954م كانت تصدر عشرين صحيفة باللغة العربية. بعد صدور قانون الصحافة في منتصف التسعينيات من قِبل النظام تم إنشاء عدد من الصحف الخاصة وفي عام 2001م قام النظام الإرتري بإغلاق كل الصحف الخاصة التي كان يصل عددها 6 صحف وإعتقال جميع العاملين بها وما زالوا يقبعون في سجون النظام. وتوجد حالياً صحيفة واحدة في إرتريا تابعة للنظام باللغة العربية والتقرينية.

وحسب التصنيف العالمي لحرية الصحافة ووفقاً لمنظمة مراسلون بلا حدود في تقريرها الأخير فإن إرتريا سجلت في مرتبة أدنى من كوريا الشمالية في مجال حرية الصحافة.

 قرارات الأسرة الدولية ضد النظام:

الأسرة الدولية بالرغم من الانتهاكات الواضحة في حقوق الإنسان التي يمارسها النظام ضد شعبه إلا أنها تظل خجولة جداً. حيث حكمت هيئة التحكيم الدائمة في لاهاي، وهي المحكمة الدولية المتخصصة في فض المنازعات بين الدول حكمت على النظام الإرتري بدفع ثمانية ملايين يورو إلى إثيوبيا، وذلك تعويضاً على الضرر الذي تسببت فيه بين عامي 1998 و2000 خلال الحرب التي اندلعت بين البلدين. وحكم القضاة الخمسة في هيئة التحكيم الدائمة  بأن يدفع النظام الإرتري 123 مليون يورو لتغطية عدة دعاوى من بينها : التسبب في خسارة للخطوط الجوية المملوكة للدولة الإثيوبية ، والفشل في حماية مدنيين إثيوبيين، وإساءة معاملة سجناء الحرب.  كما حكمت هيئة التحكيم على إثيوبيا بدفع 115 مليون يورو تعويضاً للأضرار الناتجة عن تدمير ممتلكات في إرتريا، وبسبب سجن مدنيين إرتريين، ومعاملتهم بوحشية. (الفارق بين المبلغين هو 8 مليون يورو لصالح إثيوبيا). وهذه المبالغ الضخمة أجبر النظام لدفعها جراء تصرفاته عوضاً أن تنفق في التنمية والبنية التحية للدولة لتخفيف معاناة الشعب.

وبناءاً على الشكاوى المتعددة التي تقدمت بها بعض الدول المجاورة ضد إرتريا وخاصة بعد ظهور إرتريا داعماً ولاعباً رئيسياً لبعض الحركات ذات الاتجاه الإسلامي في الصومال ، أصدر مجلس الأمن قراره رقم ( 1907 ) في 23/11/2009 والقاضي بفرض عقوبات على النظام الإرتري تشمل حظر السفر لمسئولين في الدولة ، وحظر توريد الأسلحة ، وتجميد أرصدة الدولة في البنوك الدولية ، وذلك لدور النظام الارتري السلبي في الصومال واحتلاله لأراضي متنازع عليها مع جيبوتي بالقوة العسكرية.

خلال جلسته السادسة والعشرين التي انعقدت في يونيو 2014 قرر المجلس إنشاء لجنة التحقيق الأممية بموجب قرار مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان رقم 24/26 الصادر في يونيو 2014 ، لمدة سنة واحدة قابلة للتمديد ، وذلك للتحقيق في مجموعة متنوعة من «الإنتهاكات» التي يمارسها النظام الإرتري بما في ذلك «عمليات القتل خارج نطاق القضاء والإختفاء القسري والاعتقالات التعسفية والحبس الإنفرادي، والتعذيب، والقيود المفروضة على الحريات المدنية والإنسانية، والاتجار بالبشر، وانعدام سيادة القانون، والظروف المعيشية المتردية.

في 10/03/2016 اتخذ البرلمان الأوربي قراراً تاريخياً بخصوص أوضاع حقوق الانسان في إرتريا والتي أوضح البرلمان أنها بحاجة الي دراسة جادة وتقصٍّ دقيق. حيث أكد البرلمان في هذا القرار أن أهم أسباب ترك الإرتريين بلادهم والتشرد في أنحاء العالم يعود إلى الوضع المتردي لحقوق الإنسان وبرنامج العبودية المستمرة والمسمى زوراً وبهتاناً بالخدمة الوطنية الإلزامية التي لا نهاية لها. وربط القرار بين الوضع الحالي وما صدر سابقاً عن مجلس الأمن الدولي بخصوص ما لحق باللاجئين الإرتريين من أضرار في بلادهم. وفي سياق متصل أعرب البرلمان الأوربي عن أسفه البالغ لِــمَــا سبق أن صادق عليه الاتحاد الأوربي من منح النظام الإرتري دعماً مالياً بمبلغ 200 مليون يورو دون الأخذ في الاعتبار مخاوف وتحفظات البرلمان الأوربي حول الوضع الإنساني في إرتريا.

اللاجئين وحلم العودة:

امتدت معاناة اللاجئين الإرتريين لأكثر من نصف قرن التي بدأت منذ عام 1967م عقب الاجتياح الإثيوبي لإرتريا في القرن الماضي. وبعد التحرير للأراضي الإرترية كان الشعب يتوق للعودة إلى وطنه ، ولكن وجد أمامه عقبة لم يتوقعها وهي تنكر النظام لجميع المهاجريين الإرتريين في أرض السودان ، وذلك لكي لا يحدث تغييراً ديمغرافياً على الخارطة السكانية في البلاد حسب ظنه المريض وخياله القاصر . فبدلاً من استقبال الشعب المشرد ومكافأته لما قدمه من تضحيات إبان مرحلة التحرر الوطني وإيوائه وضمان الأمن والإستقرار الذي لم يتذوق طعمه منذ سنين ، أصبح الشعب المغلوب على أمره في خانة المتهم ، ويكيل له النظام التهم المعلبة التي حالت بشكل مؤثر دون عودته إلى وطنه وأرضه مما يخشى معه الى إسقاط حق العودة بالتقادم ضمن برمجة وخطط أعدت سلفاً من قِبل النظام لإفراغ البلاد من أهلها. وفضلاً عن عودة اللاجئين إلى إرتريا هناك هجرة عكسية من إرتريا إلى السودان بأسباب عديدة منها القمع والحروب في إريريا، وكذلك الخدمة العسكرية الإجبارية القاسية غير المحددة بمدة والتي تفرض على كل من ينهي دراسته الثانوية الالتحاق بها.

ونظراً لتزايد عدد اللاجئين كان مستقرهم الأول في معسكر الشجراب الذي توجد به مشاكل عديدة ، فلا وظائف ولا تعليم تتسق مع حقوقهم التي تكفلها المواثيق الدولية ، إضافة إلى الأمراض الكثيرة التي يسببها تردي الخدمات الصحية، مع شح المياه وعدم وجود الكهرباء، وفوق كل ذلك يمنع اللاجئ من الخروج من المعسكر إلا عن طريق التهريب ويكون فريسة سهلة لتجار البشر .

العلاقات مع دول الجوار:

افتعل النظام الإرتري الحروب المتتالية مع كافة دول الجوار المحيطة بإرتريا ، وتحول النظام الى بؤرة تهدد الأمن والاستقرار والسلم الإقليمي والدولي والذي نتج عنه فرض عقوبات دولية على النظام ، وذلك جراء السياسات الصبيانية التي انتهجها في إدارة الدولة. بيد أن دولة إرتريا الوليدة بحاجة إلى جميع هذه الدول في الاستفادة من خبراتها وتجاربها في إدارة شؤون البلاد ، وأيضاً الحصول على الدعم المعنوي والتدريب والتأهيل لموظفي الدولة الناشئة. ولكن ليس من المستغرب لمن يتتبع تاريخ الجبهة الشعبية بقيادة إسياس أفورقي في سياسة الإقصاء والتعنت والتكبر مع غياب التخطيط المسبق لإدارة الدولة . ومنذ السنة الأولى من الاستقلال بدل أن يشغل الشعب لإعادة تعمير ما دمره الاستعمار ويوجه الشباب إلى التنمية ، اختطف الدولة ومواردها البشرية في أتون الحرب مع جميع دول الجوار ، حيث انعكس سلباً على جميع الدول التي ساندت استقلال إرتريا مما شاهدوه من مشاكسات النظام مع دول الجوار.

  •  السودان: تم قطع العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية السودان في عام 1994م وكانت إرتريا في أمس الحاجة إليها ولا سيما وهي حديثة عهدٍ بالإستقلال ، وتم تسليم سفارة السودان للمعارضة السودانية في خطوة تتنافى مع جميع المواثيق والمعاهدات الدولية. بالرغم من أن السودان هي أول دولة اعترفت باستقلال إرتريا ، وأول دولة فتحت مقر سفارتها في أسمرا.
  • اليمن: النظام الإرتري هاجم جزيرة حنيش اليمنية حيث استمر القتال فيها من 15 ديسمبر 1995 إلى 17 ديسمبر 1995. وفي 1998 أعلنت لجنة التحكيم الدائمة الدولية بتبعية أرخبيل حنيش لليمن.
  • إثيوبيا: في مايو 1998 إندلع النزاع الحدودي وتم قطع العلاقات بين البلدين. ولا يزالان النظام الإرتري والحكومة الإثيوبية في حالة اللا حرب واللا سلم منذ النزاع المسلح بين عامي 1998 و 2000، وخصوصاً حول ترسيم حدودهما المشتركة البالغ طولها 1000 كم.
  • جيبوتي: في 16/04/2008م اندلع نزاع حدودي بين النظام الإرتري وجيبوتي وقد توسط أمير دولة قطرالشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حينها أثناء زيارته للبلدين في ابريل 2008. وعلى إثرها انسحب النظام الإرتري من راس دميرة. وقد أصدرت الأمم المتحدة بياناً حول النزاع المسلح ، ومن ثم تم الإعلان عن الوساطة القطرية بشكل رسمي في شهر يونيو 2010.

الحرب الإثيوبية الإرترية :

  •  اندلعت في مايو 1998 إلى يونيو 2000 بين إثيوبيا وإرتريا بسبب الخلافات الحدودية بين البلدين ، وقد تسببت الحرب في خسائر بشرية قدرت بمئات الآلاف من الطرفين حيث يقدر بمقتل 80 الف جندي من الجانبين .
  •  في 25 مايو 2000 م أعلنت إثيوبيا أن الحرب انتهت إذ تمكنت القوات الإثيوبية من السيطرة على ما يشكل من ربع الأراضي الإرترية .
  •  في 18  يونيو 2000 وافق الطرفان على التفاوض.
  •  وقعت اتفاقية الجزائر في 12 ديسمبر 2000 التي أنهت رسمياً الحرب بين البلدين ، وعرف ذلك بإتفاق الجزائر ، وقد نصت الاتفاقية على تشكيل منطقة أمنية مؤقتة على الحدود بين إرتريا وإثيوبيا ، والتي يبلغ عرضها 25 كيلومتر على طول الحدود الواقعة في الأراضي الإرترية تحت سيطرة بعثة الأمم المتحدة. وطالب الاتفاق بإقامة لجنة محايدة لتحديد المناطق المعينة التي يجب على الطرفين أن يعيدا توزيع قواتهما فيها.

وقد مر النزاع الحدودي بين البلدين بعدة مسارات من أبرز مراحله:

  • 17 مايو 2000 فرضت الأمم المتحدة حظراً عسكرياً على الدولتين لمدة عام.
  • 30 يونيو 2000 تم إنشاء بعثة الأمم المتحدة إلى إثيوبيا وإرتريا المتألفة من 100 مراقب عسكري وموظفي الدعم المدنيين، يضاف إليهم 4300 جندي إنتشروا على مساحة تبلغ 25 كلم على طول حدود البلدين.
  •  في ديسمبر 2001 تم تشكيل اللجنة الحدودية الإرترية الإثيوبية المستقلة برئاسة السير أليو لوترباخت (Sir ElihuLauterpacht) ومقرها مدينة لاهاي بهولندا.
  •  في 13  إبريل 2002 أصدرت اللجنة الحدودية المستقلة حكمها النهائي في النزاع الحدودي ، ومن أبرز بنوده ضرورة ضم مدينة بادمي وتبعيتها إلى إرتريا.
  •  وفي 04 فبراير 2003 أعلنت إثيوبيا رفضها حكم اللجنة الحدودية المستقلة، وجددت رفضها في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة يوم 19 سبتمبر 2003.
  •  في 05 أكتوبر 2005 حظرالنظام الإرتري على البعثة الأممية استعمال مجالها الجوي.
  •  في 03 نوفمبر 2005 طلبت البعثة الأممية تدخل مجلس الأمن لفض النزاع المؤذن بالخطر بين البلدين.
  • في 07 ديسمبر 2005 أعطى النظام الإرتري مهلة عشرة أيام لأعضاء البعثة الأممية لمغادرة أراضيها، وفي الخامس عشر من الشهر نفسه نقلت البعثة بعض أعضائها إلى إثيوبيا.
  •  في 27 فبراير 2006 طالب مجلس الأمن الطرفين بتطبيق اتفاقية الجزائر دون أجل.
  •  أول يونيو 2006 خفضت الأمم المتحدة عدد عناصر بعثتها مستغنية عن ثلثهم ومبررة ذلك بعدم تقدم الطرفين بشأن موضوع ترسيم حدودهما.
  •  أول سبتمبر 2007 حذر النظام الإرتري إثيوبيا إثر تجدد النزاع الحدودي بينهما.
  •  في 29 سبتمبر 2007 النظام الإرتري يطالب إثيوبيا بتنفيذ اتفاقية الجزائر.
  •  السادس من نوفمبر 2007 تصعيد عسكري أوشك بقيام حرب حدودية جديدة بين إرتريا وإثيوبيا عقب إتهامات متبادلة بين الطرفين.

النزاع الحدودي بين النظام الإرتري وجيبوتي:

بدأ في 16 إبريل 2008 النزاع الحدودي الإرتري الجيبوتي بين قوات جيبوتية وإرترية ، حيث اتهمت جيبوتي النظام الإرتري بأن القوات المسلحة الإرترية قد اقتحمت الأراضي الجيبوتية وحفرت خنادق على جانبي الحدود ، وأشتدت الأزمة عندما اندلعت اشتباكات مسلحة بين القوات المسلحة لكلا البلدين في المنطقة الحدودية في 10 يونيو 2008.  توقفت الاشتباكات بوساطة قطرية بالتدخل الشخصي من أمير دولة قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.

إرتريا من دولة فاشلة إلى منهارة:

بعد ربع قرن من الإستقلال لدينا دولة فاشلة بكل المقاييس والمعايير الدولية ، حيث وصفت مجلة السياسة الخارجية في عددها الصادر في عام 2009م في تصنيف الدول الفاشلة بالتعاون مع بنك التنمية الدولية ، وضعت إرتريا ضمن الدول التي تسمى بالخطر القادم Danger Ahead، وهي الدول التي تمثل خطرًا محتملاً . وفي تقرير مؤشر الدول الفاشلة لعام 2015 الذي يضم 178 دولة سجلت إرتريا 96.9 نقطة بزيادة 1.4 عن عام 2014م ، واحتلت المرتبة رقم 24 من مجموع الدول الفاشلة ، وفنلندا المرتبة رقم 178 الدولة أقل فشلاً في العالم.

إن مقدمات بناء دولة فاشلة يقوم على عدم تقديم تصور سياسي اقتصادي لمجتمع ما، وسلعة الأمن (هي أهم سلعة سياسية)، والتعليم والخدمات الصحية، والفرص الاقتصادية، والإشراف البيئي، والإطار القانوني لتحقيق النظام، والطرق ووسائل المواصلات ، كما تتسم بضعف مؤسساتها أو تصدعها، وهذه المؤسسات لا تشتمل على التنفيذية فحسب، بل والتشريعية، وكثيراً ما تكون في الدولة الفاشلة الهيئة القضائية التشريعية مشتقة من الهيئة التنفيذية ، فلا يستطيع أحد الحصول على العدل والإنصاف ، حيث تتيح الدولة الفاشلة فرصاً اقتصادية غير متوازنة ، بل تحتكر لقلة مميزة ومحددة ، ويزداد ثراء فئة على حساب المجموع العام للشعب الذي يتضور جوعاً، ويزدهر الفساد على نطاق تدميري ، كذلك يتم تضليل الشعب بمشاريع وهمية دون جدوى لثراء الجنرالات ، على حساب التعليم والإمداد الطبي ، والثراء على حساب الدولة ، حيث تفشل عندما تفقد وظيفتها الأساسية، وتتقلص شرعيتها، وقد تنتقل من الفشل إلى الانهيار.

المحصلة من كل ما ذكر أننا بصدد دولة فاشلة مكتملة الأركان وبكل المقاييس في طريقها إلى الدولة المنهارة !!!

تمر الذكرى الخامسة والعشرون وتلوح في الأفق المنظور بشريات الخلاص والأمل القريب باذن الله تعالى تتهاوى فيه قلاع وحصون الدكتاتورية ، وحينها ترتسم لوحات الفرح في جبين كل إرتري حر يأبى الضيم والخنوع ، فهل نحن على قدر التحدي المقبل ؟

 

مكتب الإعلام للمؤتمر الإسلامي الإرتري

أسرة التحرير

 
26-06-2016
Print this page.
http://www.al-massar.com