80 ألف لاجئ في شرق السودان يدير لهم العالم ظهره

 

 

صحيفة الأحداث - كسلا: عبد المنعم أبوادريس. 

قد يصل عمرك إلى الثلاثين وأنت لا تدري ما هي جنسيتك!!.. هل الى البلد الذي قدم منه أبوك وأمك أم الى البلد الذي رأيت نور الحياة فيه، ودخلت أول دفقة أكسجين الى رئتيك من هوائه؟!.. 
وإن كان لك الاختيار فحتما ستختار أي من الأوطان التي تحسها، ولكن الأمر يتم وفق قوانين وإجراءات تعرف النصوص.. 

تلك هي حكاية 80 ألف ارتري موجود في اثني عشر معسكرا موزعا بين ولايتي كسلا والقضارف يضاف اليهم 16 ألفا موجودا داخل المدن السودان ليصبح هؤلاء مائة وستة آلاف أغلبهم وفقا لإحصاءات مفوضية الأمم المتحدة للاجئين ولدوا هنا في السودان، وآخرون جاءوا وهم أطفال صغار وشبوا هنا وتزوجوا وكونوا أسرا.. 
فمثلا محمد عثمان علي البالغ من العمر 55 عاما جاء الى السودان في عام 1984 وكان وقتها عمره ثمانية وعشرين عاما ولم يتزوج بعد، ولكنه هنا تزوج مرتين، ويقول إن لديه خمسة عشر من البنين والبنات.. 
وأقام في معسكر ود شريفي (والذي يعد أقدم معسكر للجوء في شرق السودان، حيث تم افتتاحه عام 1967 بعد سنوات قليلة من اندلاع الثورة الارترية لتحرير بلادهم من الاحتلال الاثيوبي.

ومنذ أربع سنوات انتقل محمد عثمان إلى معسكر الشجراب (25 كيلو مترا جنوب شرق مدينة خشم القربة).. 
لكن محمد عثمان يقول في معسكر الشجراب المشكلة الرئيسية بالنسبة لي تعليم أبنائي وبناتي.. فالآن يتدرجون حتى يصلوا السنة الثامنة ومن بعد يُغلق أمامهم باب التعليم. فالمعسكر لا يحتوي على مدرسة ثانوية ولا يمكنهم مغادرة المعسكر للاتحاق بمدرسة ثانوية في مكان آخر، فهم ليسوا مواطنين.. 
إمام محمد إدريس جاء لمعسكر ود شريفي بعد محمد عثمان بعامين، أي في عام 1986، يقول إن لديه ستة أبناء وأربع بنات.. وتوقف الأبناء عن الدراسة بعد أن وصلوا السنة الثامنة، والآن يمكثون بالبيت دون القيام بأي عمل فقط نبحث لهم عن ورشة؛ ليتدربوا فيها على عمل يدوي بعد أن فاتهم قطار التعليم، أما البنات فتزوجن.. 
والمأساة لها وجه آخر عند سعاد حسين التي مات زوجها وترك لها أطفالا صغارا تعولهم إضافة للمساعدات التي تتلقاها في المعسكر (بطبلية ) صغيرة تبيع فيها بعض الأشياء وعربة كارو يعمل عليها أحد أبنائها، وسعاد جاءت من ارتريا عام 1984. 

أما فاطمة إبراهيم فقالت انها جاءت من ارتريا وعمرها ست سنوات والآن بلغت الخامسة والأربعين ولديها ستة من الأبناء توفي والدهم، وهي تحاول أن ترعاهم.. 

وعلى الضفة الأخرى تكابد آمال الجيلاني الأمين التي قدمت من ارتريا عام 1984 وتزوجت بعد ست سنوات، وأهلها الذين جاءت معهم من ارتريا دفنتهم جميعا في ثرى السودان ما عدا عمها الكبير في السن الأن، ولا يقوى على فعل شيء، وهي تعوله مع صغارها من عملها الذي أخذت له تمويلا من مشروعات تمويل صغيرة تدفعها المفوضية (وتقدم المفوضية آمال نموذجا لنجاح هذه المشروعات الصغيرة؛ لأنها حققت نجاحا وردت القرض وأخذت مبلغا أكبر.

ويقول مسؤول الجماية بمفوضية اللاجئين فليكس روس «إن عدد قدامى اللاجئين حوالي 80 ألف لاجئ في اثني عشر معسكرا، وأغلبهم صغار سن ولدوا في السودان.. 

والسمة الرئيسة لهم إنهم مسلمون ويتحدثون العربية وينتمون لمجموعات اثنية موجودة في شرق السودان، وجاء من مناطق غرب ارتريا أو ما تعرف بمناطق المنخفضات».. 

ويقول مدير معسكر الشجراب إبراهيم عبد الله عند حديثه في حفل الاستقبال الذي أقيم بمناسبة زيارة مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين؛ انطونيو غوتيراس، بمناسبة زيارته لمعسكر الشجراب «معسكر الشجراب يضم عشرين ألف لاجئ تقدم لهم المفوضية الاحتياجات الأساسية، ومشكلة هؤلاء إنهم لا يريدون أن يظلوا لاجئين الى الأبد، ولذا لابد أن يبحث لهم العالم عن حل».. 

أما ممثل اللاجئين بعد أن طالب المفوض بالتدخل لحل مشكلة اللجوء، ووقف تدفق اللاجئين، وفتح باب الهجرة لأي بلد للراغبين. وأضاف نطالب المفوضية بتوزيع الغذاء للجميع، وبناء مدرسة ثانوية للبنين والبنات داخل معسكر الشجراب. 

ومن بعد اشتكى من ارتفاع أسعار الغذاء هذا العام، إضافة للجفاف الذي ضرب المنطقة جراء شح الأمطار».. 
والشكوى لم تقف عند اللاجئين، فحتى المجتمعات المستضيفة لهم تأثرت بيئتها، على حد قول معتمد محلية ود الحليو؛عجيل علي العوض، والذي شدد على ضرورة دعم القرى حول المعسكرات؛ لأن بيئتها تأثرت، كما أنها تتقاسم مع اللاجئين خدمات التعليم والصحة للانسان والحيوان».. 

أما غوتيرس فقال إن شرق السودان به أقدم عملية لجوء في العالم، فعلى مدى أربعة عقود يفتح السودان حدوده لتدفق اللاجئين خلافا لبعض الدول التي لا ترحب باللاجئين، وعلى المجتمع الدولي أن يتذكر هذا.. 
وشدد على أن ما يتلقاه اللاجئون غير كافٍ، كما أن المجتمع المحلي يدفع الثمن غاليا، ولذا فقد وقعت المفوضية على بروتوكول تعاون مع البنك الدولي وصندوق الأمم المتحدة الانمائي لقيام مشروعات تجعل اللاجئين يعتمدون على نفسهم في الغذاء.. 

 

 
21-01-2012
Print this page.
http://www.al-massar.com