الحرب اليمنية وانعكاساتها على إرتريا

الحرب اليمنية وانعكاساتها على إرتريا

بقلم :أبو عبير

في 26 مارس 2015 شن التحالف العربي حملته الجوية ضد الحوثيين في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية تحت اسم (عاصفة الحزم)، وتأتي هذه الحملة بعد أن كشفت معلومات استخباراتية نقل نحو 300 صاروخ إسكود إلى اليمن تحت سيطرة المتمردين الحوثيين بالقرب من الحدود السعودية حيث يتجاوز مدى الصواريخ 300 كيلومتر ما يجعلها قادرة على استهداف العديد من المدن السعودية. وهو تمدد شيعي رافضي يستهدف دول الخليج في المقام الأول ودول المنطقة تحت الدعم الإيراني لخلق الزعزعة الداخلية في الدول العربية والإسلامية.

هل هناك أهمية لإرتريا في هذه الحرب؟ وهل هذه الحرب لها انعكاساتها سلباً كان أو إيجاباً على إرتريا ؟ فبالنظر لواقع النظام الإرتري بعد التحالف العربي ضد الحوثيين يلاحظ تعرضه لضغوط سياسية ونفسية من قِبل أعضاء التحالف العربي والتلويح له بالجزرة أحياناً لإلحاق النظام بالتحالف. وحسب المعلومات فإن النظام استجاب لتلك الضغوطات وقدم التعاون الكامل للتحالف ، إثر زيارة إسياس أفورقي للرياض التي مهد لها باجتماع سفير النظام في الرياض مع قيادات عسكرية وأمنية سعودية رفيعة المستوى في إبريل 2015.

تكمن أهمية إرتريا في الحرب على الحوثين لقربها من اليمن عبر باب المندب وامتلاكها أطول ساحل بحري من جميع الدول المطلة على البحر الأحمر وعدد كبير من الجزر ولتشابه التضاريس الجوغرافية بين إرتريا واليمن. التحالف العربي بحاجة للاستفادة من خبرات النظام الإرتري السابقة في حرب التحرير ومعاركه التي خاضها مع دول الجوار من بينها اليمن، تجعل من الأهمية للتحالف الاستعانة بها في المعارك في اليمن. وبالرغم من كل هذه المؤشرات التي ترجح دورًا للنظام الإرتري في العمليات العسكرية باليمن إلا أن علاقات النظام الإرتري مع طهران التي تساند الحوثيين ، ربما تجعل التحالف العربي في حالة من الريبة والتوجس من ناحية إرتريا وحيث أن تعامل أفورقي مع طهران وتسهيل توصيل مساعدات إلى الحوثيين كان يهدف منها إلى إيصال رسائل منها ابتزاز دول الخليج واستفزاز أمريكا في آن واحد. لكن مخاوف التحالف العربي من العلاقات بين إرتريا وإيران وجد ما يبددها وهي المتمثلة في الزيارة الأخيرة التي أجراها أفورقي للسعودية بين 28-29 أبريل 2015 التي أعادة العلاقات بين البلدين بعد عدة سنوات من الجفاء وأزمة عدم الثقة . وهناك عوامل أخرى دفعت رئيس النظام الإرتري إلى القيام بزيارته إلى السعودية، منها وضعه الداخلي وعزلته الدولية بعد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1907 في عام 2009.ولا يستبعد مراقبون أن يكون رئيس النظام الإرتري قد أراد من خلال اللحاق بالتحالف العربي، قطع الطريق أمام جيبوتي وإثيوبيا(أعداءه التقليدين) الذين تسابقوا إلى الترحيب بعاصفة الحزم والتنديد بتحالف أفورقي مع الحوثيين وإيران. وأيضاً إعلان النظام الإرترياعترافه بالحكومة الشرعية في اليمن في 31 مارس 2015.وهناك أيضاً نفي منالنظام الإرتري أكثر من مرة للاتهامات الموجهة لهم بدعم الحوثيين من خلال الوجود الإيراني في مياهها الإقليمية ، كل هذه العوامل كان له دور كبير في إعادة الثقة وتبديد المخاوف.

ويعتقدبعض المحللين بأن الزيارة التي قام بها رئيس النظام الإرتري إلى الرياض، لم تكن وليدة قرار مفاجئ، وإنما تعتبر حصيلة التحركات الدبلوماسية غير المعلنة، شاركت فيها دول خليجية وإفريقية حليفة لأسمرا، توجت بتقديم دعوة من الملك السعودي لزيارة أفورقي. ويرى كثيرون أن العلاقة بين قطر وإرتريا كانت ومازالت هي الجسر ما بين إرتريا ودول الخليج وما بين إرتريا وبعض جيرانها، إذ أفلحت الدوحة في إعادة العلاقة بين الخرطوم وأسمرا ولطفت ما بين أسمرا ومقديشو، وهي لا تزال ترعى الوساطة بين جيبوتي وأسمرا، على الرغم من أن جهود قطر لم تفلح في إعادة العلاقة بين أديس أبابا وأسمرا بعد.

الحرب في اليمن لها إنعكاسات على الوضع الإرتري إقتصادياً وسياسياً وأمنياً، وقد أشار تقرير للأمم المتحدة إلى قيام المملكة العربية السعودية بتقديم الدعم المالي وإمدادات وقود إلى إرتريا لتمهيدالطريق لضمان التعاون الإرتري، وفي نفس الوقت ذكر التقرير نفسه مزاعم حول قيام الإمارات العربية المتحدة بالحصول على عقد إيجار لميناء عصب لمدة 30 عاما ويفسر تواجد السفن البحرية الإمارتية في ميناء عصب .

ووفق المعلومات الواردة أعلاه فإن النظام الإرتري قدم التسهيلات المطلوبة للتحالف العربي عقب التعهد السعودي الإماراتي بتقديم حزمةاقتصادية تُخرج النظام من عنق الزجاج لأزمته الاقتصادية.

من الناحية الاقتصادية تعتبر إرتريا الدولة الوحيدة التي لا يتحرك فيها المؤشر الاقتصادي ، النظام متحكم في التجارة والاقتصاد ولديه إمكانية السيطرة الكاملة في المد والجزر لاقتصاد البلاد ولا سيما سياسة تغيير العملة التي مكنت من خفض سعر الصرف إلى النصف تقريباً مع إغلاق ووقف السوق الموازي وسحب كل الأموال من أيدي التجار.

سياسياً وبما يختص عن دول الجوار الإرتري فإن النظام الإرتري يعيش في حالة اللاحرب واللاسلم مع كلٌ من إثيوبيا وجيبوتي نتيجة الخلافات الحدودية ويعاني من أزمة في علاقاته مع العالم الخارجي بإستثناء السودان الذي يتضامن معه بالسر والعلن.

في ظل هكذا الأوضاع والتأزم في أفق العلاقات الدولية بعد التحاقه بالتحالف العربي تمكن من استعادة علاقاته الإقليمية ، وخرج من عنق الزجاجة باقتصاده المتهالك بالدعم السخي الذي تلقاه من التحالف العربي.وفي تقديري المتواضع النظام الإرتري بعد إلتحاقه بالتحالف العربي ضد الحوثيين استعاد قوته وجبروته وتسلطه على المواطنين وانتهج نهج إفقارهم وإذلالهم بحجز أموالهم في البنوك حتى يسهل سيطرته على رقاب الضعفاء.

وأما عن الدور العسكري الإرتري في اليمن يؤكد تقرير للأمم المتحدة أن 400 جندي إرتري تم نشرهم في عدن لدعم قوات التحالف التي تقودها السعودية. وأيضاً إرتريا هي الدولة المفضلة للتحالف لتدريب القوات العسكرية اليمنية وذلك لتشابه التضاريس الجغرافية بين البلدين وقد أنشئت معسكرات للتدريب في إرتريا لهذا الغرض.

 

 
03-04-2016
Print this page.
http://www.al-massar.com