بيان بمناسبة الذكرى (64)
لإعلان الكفاح المسلح للثورة الإرترية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
في مثل هذا اليوم من تاريخ شعبنا الإرتري، انطلقت الشرارة الأولى للكفاح المسلح، معلنةً بدء مسيرة طويلة من النضال والتضحيات في سبيل الحرية والكرامة والاستقلال. إننا في هذه المناسبة المجيدة نستذكر بكل فخر واعتزاز الرعيل الأول من أبطال الثورة الذين قدموا أرواحهم ودماءهم رخيصة، وأطلقوا الرصاصة الأولى ليضيئوا طريق الحرية لشعبنا. كما نحيي جماهير الشعب الإرتري التي وقفت سنداً وظهيراً للمجاهدين والثوار، حتى تحقق النصر ونالت إرتريا استقلالها بعد عقود من الكفاح المرير.
غير أن ما يحزننا اليوم، ونحن نحتفي بهذه الذكرى العظيمة، أن أحلام شعبنا في الحرية والعدالة والعيش الكريم قد سُرقت، وأن تضحيات الشهداء قد جرى التنكر لها. لقد تحوّل النظام الحاكم في إرتريا إلى أداة قمع واستبداد، صادر الحريات، واعتقل العلماء والمثقفين والأحرار، وزج بعشرات الآلاف في السجون دون محاكمات. كما جرّ البلاد إلى عزلة دولية خانقة، وافتعل الأزمات والحروب مع الجيران، ليجعل من إرتريا بؤرة للتوتر وعدم الاستقرار في المنطقة. وبدل أن ينعم الإرتريون بخيرات بلادهم، أصبحوا يعيشون المعاناة والفقر والتهجير والاغتراب.
المهام الوطنية ودور الشعب الإرتري وقواه الحية..
إن الشعب الإرتري، الذي صنع الاستقلال بدمائه وتضحياته، قادر اليوم على أن يصنع فجر الحرية من جديد، وأن يواجه الاستبداد الذي صادر ثمرات نضاله. وفي هذا الظرف التاريخي الحرج، ومع تصاعد الحراك الشعبي في المدن الأوروبية من مظاهرات ووقفات منددة بانتهاكات النظام – وخاصة اعتداءاته الأخيرة على مراكز تحفيظ القرآن الكريم واعتقال المشايخ والمعلمين – فإننا نؤكد على جملة من المهام الوطنية الملحة:
1. توسيع رقعة الحراك الشعبي: توحيد جهود الجاليات الإرترية في المهجر، ودعم الحراك هذا بكل الوسائل الممكنة، حتى يصبح صوت المظلومين في إرتريا حاضرًا في المحافل الدولية والإعلامية.
2. بناء جبهة وطنية عريضة: تجمع القوى السياسية والمدنية على كلمة سواء، بعيدًا عن الخلافات الجانبية، بهدف مواجهة النظام الاستبدادي وإيجاد بديل وطني يحقق تطلعات الشعب.
3. تفعيل أدوات المقاومة من حملات إعلامية، ووقفات احتجاجية، وأنشطة حقوقية وقانونية، لملاحقة النظام وكشف جرائمه أمام المجتمع الدولي، وربطها بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
4. دعم مراكز الهوية والثقافة: بتعزيز دور المؤسسات التعليمية والدينية والاجتماعية في حفظ هوية الأجيال، وإسنادها بالعمل التطوعي والمالي حتى لا ينفرد بها النظام ويطمسها.
5. الضغط الدولي والإقليمي: عبر الجاليات ومنظمات المجتمع المدني، لإيقاف سياسات النظام القمعية، وحماية حقوق المعتقلين، وضمان حرية المعتقد والتعليم الديني.
أيها الإخوة والأخوات،
إن ذكرى الكفاح المسلح ليست مجرد محطة للتأمل في الماضي، وإنما هي مدرسة نستلهم منها العبر والدروس. فقد علمتنا الثورة أن الحقوق تُنتزع ولا تُوهب، وأن الاستبداد لا يدوم مهما طال، وأن إرادة الشعوب لا تُقهر. وعليه، فإن مسؤوليتنا اليوم هي أن نتمسك بروح النضال التي ورثناها من الشهداء، وأن نوحّد صفوفنا في مواجهة الظلم والاستبداد، حتى ننقذ وطننا من براثن الطغيان ونحقق لشعبنا ما ضحى من أجله أبطالنا: الحرية، العدالة، الاستقرار، والتنمية.
ختاماً، نترحم على شهداء الثورة، ونجدد عهد الوفاء لهم بأننا ماضون على دربهم حتى تتحقق تطلعات شعبنا الإرتري في بناء دولة القانون والمؤسسات، دولة الكرامة والعدالة، دولة تتسع لكل أبنائها دون تمييز أو إقصاء.
والله أكبر والنصر لشعب إرتريا.
المكتب التنفيذي
المؤتمر الإسلامي الإرتري
1/9/2025م